ما هي المرونة العصبية للدماغ وما علاقتها بتجارب الحياة

ما هي المرونة العصبية للدماغ وما علاقتها بتجارب الحياة من الأسئلة الشائعة للكثير من الناس. وتعني المرونة قدرة الدماغ البشري على التكيف والتأقلم مع مختلف مواقف الحياة. وبذلك تكون من الأشياء المهمة، لذا سوف نلقي الضوء في هذا المقال على تعريفها وأهم مبادئها بالإضافة إلى أنواعها وكيف تكون عند الأطفال والبالغين.

ما هي المرونة العصبية للدماغ وما علاقتها بتجارب الحياة

يقصد بالمرونة العصبية قدرة الدماغ البشري على التكيف، كما تشير إلى عدد من التغيرات الفسيولوجية بالدماغ والتي تحدث بسبب تفاعلاتنا مع البيئة المحيطة، ويطلق عليها أيضًا اللدونة العصبية وتبدأ المرونة العصبية للدماغ منذ تطور الجنين في الرحم وحتى الموت.

حيث يتم إعادة تنظيم مختلف الروابط ما بين الخلايا في الدماغ، وذلك استجابةً لاحتياجاتنا المتنوعة والمتغيرة، وتتيح لنا تلك العملية الديناميكية المعرفة والتعلم من التجارب المختلفة بالإضافة إلى التكيف معها. على عكس جهاز الكمبيوتر الذي تم بناؤه وتصميمه وفقًا لمواصفات محددة، كما تتلقى تلك الأجهزة تحديثات البرامج بصورة دورية.

وهنا يلقي الدماغ البشري التحديثات إلى الأجهزة إلى جانب تحديثات البرامج، وتتشكل مسارات متنوعة والتي يتم إنشاؤها بالإضافة إلى التخلص منها طبقًا لتجاربنا وأيضًا عندما نتعلم شيئًا جديدًا، فإننا بذلك نبني روابط جديدة ما بين الخلايا العصبية في الدماغ. حيث نعيد أسلاك أدمغتنا للتأقلم والتكيف مع الظروف الجديدة، ويتم ذلك بشكل يومي.

علاقة المرونة العصبية بالتعلم كما وضح الدكتور علي الربيعي

هناك علاقة قوية ما بين التعلم والمرونة العصبية للدماغ، فعندما نتعلم يتم إنشاء مسارات جديدة بالدماغ. وكل معلومة أو درس جديد يمكنه عمل توصيل ما بين الخلايا العصبية الجديدة بالإضافة إلى تغيير آلية أداء الدماغ الافتراضية، ولا يتم إنشاء كل أشكال التعلم بصورة متساوية، حيث نستفيد من المرونة العصبية للدماغ في تعلم لغة جديدة أو تعلم العزف على إحدى الآلات الموسيقية، ومن خلال ذلك النوع من التعلم يمكن أن نتمكن من معرفة طريقة إعادة توصيل الدماغ بصورة هادفة، كما يعتمد مدى تطبيقنا لمهارات وقدرات الدماغ على درجة استثمارنا في تعزيز عمل المرونة العصبية وطريقة تعاملنا مع الحياة بصورة عامة.

عقلية النمو والمرونة العصبية للدماغ

إن المفاهيم والمصطلحات تعكس بعضها البعض، لأن عقلية النمو ما هي إلا عقلية يمكن من خلالها تطوير أو تحسين مهارات الإنسان ومواهبه بالإضافة إلى قدراته الفطرية، في حين تشير المرونة العصبية إلى قدرة دماغنا على التكيف بالإضافة إلى التطور بعد فترة النمو خلال الطفولة.  ويعتقد الإنسان الذي لديه عقلية النمو أنه قادرًا على أن يكون أكثر ذكاءً أو أكثر مهارة في أمر ما عن طريق الجهد المستمر، وهو ما تخبرنا به عملية المرونة العصبية بالضبط، يمكننا القول ببساطة أن عقلية النمو تقبل عملية المرونة العصبية على نطاق واسع.

مبادئ المرونة العصبية

هناك منظورين أساسين حول المرونة العصبية وهما كما يلي:

• المرونة العصبية هي واحدة من العمليات الرئيسية التي تصف أي تغيير يتم في النشاط العصبي النهائي أو في الاستجابة السلوكية.
• المرونة العصبية تعتبر مصطلح شامل لعدد كبيرة من التغيرات المختلفة التي تتم في الدماغ وظواهر التكيف.

يلاحظ أن المنظور الأول للمرونة العصبية للدماغ يفسح المجال أمام نظرية واحدة عن المرونة العصبية مع عدد من المبادئ الأساسية. وذلك البحث حول هذا الموضوع من شأنه المساهمة في إطار واحد شامل من عملية المرونة العصبية.

أما المنظور الثاني فهو يتطلب الكثير من الأنظمة والأطر المختلفة للفهم الجيد لكل ظاهرة.

أنواع المرونة العصبية

هناك نوعين أساسين من المرونة العصبية وهما:

• المرونة العصبية الهيكلية: وخلالها يتم تغير قوة الروابط ما بين المشابك أو الخلايا العصبية.
• المرونة العصبية الوظيفية: وهي التي تصف ما يجري من تغيرات دائمة بنقاط تعرف باسم “نقاط الاشتباك العصبي” نتيجةً للتعلم والتطور.

لكلا النوعين إمكانات مثيرة ولكن المرونة العصبية الهيكلية هي الأكثر حضورًا على الأرجح في الوقت الحالي. حيث نعلم أنه يمكننا إعادة توجيه عدد من الوظائف بالإضافة إلى إعادة تأسيسها وتعلمها في الدماغ، إلا أن التغييرات بالبنية الفعلية في الدماغ تعتبر المنطقة الذي تكمن فيها الكثير من الاحتمالات المثيرة.

فوائد لدونة الأعصاب على الدماغ

وفقًا للدراسات التي تم إجراؤها هناك العديد من الطرق التي تفيد بها عملية المرونة العصبية الدماغ. وإليك بعض الطرق التي يستفيد بها الدماغ من تكيف وتأقلم الدماغ:

• التعافي من أمراض الدماغ مثل حالات السكتات الدماغية.
• الشفاء من حالة الإصابات الرضحية للدماغ.
• القدرة على توصيل الوظائف بالدماغ مرة أخرى على سبيل المثال إذا حدث تلف في منطقة تتحكم فيها أحد الحواس، يمكن للمناطق الأخرى التقاط ذلك.
• يمكن أن تؤدي عملية فقدان الوظيفة بمنطقة ما لتعزيز الوظائف بمناطق أخرى.
• قدرات تحسين الذاكرة.
• مجموعة كبيرة من القدرات المعرفية المطورة.
• تعلم بشكل أكثر فعالية.

هل تتغير المرونة العصبية مع تقدم العمر

نعم تتغير آلية المرونة العصبية مع التقدم في العمر، إلا أنها ليست بالأبيض والأسود كما تظن. وفيما يلي نوضح المرونة العصبية عند الأطفال والبالغين:

 عند الأطفال

تنمو أدمغة الأطفال وتتطور بشكل مستمر، حيث ينتج عن كل تجربة جديدة تغيير وتطور في بنية ووظيفة الدماغ. فعند ولادة الطفل فإن كل خلية عصبية بدماغ الرضيع يكون لها حوالي 7500 اتصال مع غيرها من الخلايا العصبية، وفي عمر الثانية يكون للخلايا العصبية بدماغ الطفل ما يزيد عن ضعف عدد الاتصالات بدماغ شخص بالغ متوسط. ثم يتم تقليم تلك الوصلات ببطء وهو يكبر ويبدأ في تكوين وصلات وأنماط فريدة خاصة به، وتوجد أربعة أنواع أساسية من اللدونة العصبية التي تم ملاحظتها عند الأطفال:

• التكيف: مع التغييرات التي تحدث فعندما يمارس الطفل مهارة خاصة فإن المرونة العصبية تسمح للدماغ بالتكيف مع ما يتم من تغيرات هيكلية أو وظيفية في الدماغ مثل (الإصابات).
• ضعيف: حيث تحدث التغييرات نتيجةً للاضطرابات الوراثية أو الاضطرابات المكتسبة.
• مفرط: إعادة التنظيم لمسارات جديدة لا يمكنها التكيف والتي يمكن أن تؤدي إلى الإعاقة أو الاضطرابات.
• اللدونة أو المرونة التي تجعل الدماغ أكثر تعرضًا للإصابة: حيث يتم تشكيل عدد من المسارات العصبية الضارة التي تجعل الإصابة أكثر تأثيرًا أو أكثر احتمالًا.

تلك العمليات تكون أكثر قوة ووضوحًا لدى الأطفال الصغار، حيث يسمح ذلك لهم بالتعافي من أي إصابة بصورة أكثر فعالية من أغلب البالغين.

المرونة العصبية عند البالغين

تلك القدرة لا تعتبر غائبة عند البالغين إلا أنه يتم ملاحظتها بشكل أقل من الأطفال الصغار وبقوة أقل، ولا يزال دماغ الشخص البالغ قادرًا على تحقيق تغيير جديد غير عادي، حيث يمكنه أن يستعيد الاتصالات والوظائف المفقودة التي لم يستخدمها لبعض الوقت، بالإضافة إلى تحسين المهارات وتعزيز الذاكرة، لا تعتبر الإمكانات كبيرة لدى كبار السن كما هي عند الأطفال والشباب، إلا أنه بالجهد المستمر واتباع أسلوب الحياة الصحي يتمكن البالغون من تعزيز النمو والتغيير الإيجابي في أدمغتهم مثل غيرهم من الأجيال الشابة.

وبذلك نكون قد وصلنا إلى نهاية موضوع اليوم عن ما هي المرونة العصبية للدماغ وما علاقتها بتجارب الحياة حيث تم تعريف المرونة العصبية للدماغ. بالإضافة إلى توضيح علاقتها بالتعلم وأنواعها وأهم مبادئها.